08 - 06 - 2025

ترنيمة عشق | لا كبش ينزل في سماء غزة

ترنيمة عشق |  لا كبش ينزل في سماء غزة

العيد في غزّ..ة.. كفّهُ لا تحمل الحلوىٰ.. بل تحِيك أنامله الألمَ وتغزل الوجعَ.. فدماء أضحاه أذكىٰ وأطهر؛ تليق بها وحدها؛ تُقدّم الأنفس الأكرم والأشرف علىٰ مذبح العزّة والكرامة والكبرياء بكل شممٍ وإباءٍ.

العيد في غزّ..ة.. أكثر قسوةً، وأشدّ وجعًا.. بَيْد أنّ أضحيته غالية؛ ودماؤه لا تُفدىٰ؛ فلا كبْش ينزل من السّماء، ولا يُسمع صوت الملاك: "أنْ يا إبراهيم، قد صدّقت الرّؤيا".. لكنّ النّفوس النّاظرة أشدّ تبصرةً ورؤيةً.. وأوعىٰ.

العيد في غزّ.ة.. دروبه مظلمة.. يُغادر فيه الأطفال بصمتٍ، وتُعلق بقايا رفاتهم علىٰ ما تبقّىٰ من أغصان الأشجار الجافّة بعد أن يحفرون عليها أسماءهم، وتُراق دماؤهم في الطّرقات فتنبعث رائحة المسك، وتُقصف بيوتهم في وضح النّهار.. بلا فداء.. بلا نجاة.. بلا نهاية للأوجاع.

العيد في غزّ..ة.. أضحىٰ علىٰ محمل البارود بدلًا من البخور والورود، موسوم بأزيز الطّائرات بدلًا من التّكبيرات والتّهليلات.. حُرّمت عليه الزّينات والتعليقات.. وبات مُغطىٰ بالأكفان؛ وقد لا تجد أجسادًا لتسترها.. فقد تبخرت وسط الحريق.

العيد في غزّ..ة.. لا يختارون الأضحية، بل يدفعون ثمنًا غاليًا من دماء أبنائهم.. حيث تُقدم فلذات الأكباد قربانًا علىٰ مذبح الصّمت الدّوليّ؛ والبرود العالميّ؛ والانحطاط الإنسانيّ.. والخزي والعار..والشنار.

العيد في غزّ..ة.. أمهاتٌ تُوارِي خلفَ صمتِها جُرحًا وكمدًا.. وأبٌ يكفكفُ دمعًا قد غدا صَمَمًا وقهرًا.. وأرواحًا تَسامتْ تُناجي الأنْجُمَ.. ووجعًا يُسافرُ في قلبِ الزّمانِ يحكي القهرَ والألَمَ.

ولكن بكل كبرياء.. تُصر غزّ..ة علىٰ أن تقف علىٰ تلال ركامها، تحتضن لآلىء أبنائها، تقاوم الموت بترنيمة الحياة.. فمع ارتقاء كل شهـ.ـيد، يولد مئات يحملون اسمه ورسمه وسمته، يؤمنون بقضيته، يرثون إرادته، يثأرون لفجيعته.. يروون ويلقنون للأزمان والمارين معنىٰ الملحمة.. والأسطورة.. والمعجزة.. ينتظرون بحماس أن يُشرقُ الفجرُ، وتعودُ الأرضُ، ويُشفىٰ الجرحُ.. ويصهل الضّمير.. حينها سوف يؤذن المؤذن: حان موعد غراس الزّيتون والتّين.

---------------------------------

بقلم: حورية عبيدة

مقالات اخرى للكاتب

ترنيمة عشق |  لا كبش ينزل في سماء غزة